عبر الباجي قايد السبسي، الوزير الأول بالحكومة التونسية المؤقتة، عن تفاؤله بتحسن الأوضاع الأمنية في في بلاده، رغم الأحداث المؤسفة التي تشهدها بعض المناطق بين الحين والآخر.
وقال الوزير الأول التونسي في مقابلة خاصة مع قناة "العربية"، إن الجمهورية التونسية وبعد ربع قرن من الاستبداد، شهدت مظاهر من الفرحة العارمة بعد الإطاحة بنظام بن علي، هذه الفرحة تخللتها كذلك مظاهر انفلات أمني وأعمال تخريب، جعلت منها دولة ضعيفة ومستضعفة، الشيء الذي أدى إلى ضرورة استتباب الأمن وعودة هيبة الدولة.
وأشار السبسي خلال المقابلة التي بثتها القناة الثلاثاء 12-4-2011 إلى أن الأمور تغيرت نحو الأفضل بعد شهر من توليه الوزارة، ملمحاً إلى أن أطرافاً لم تكوّن أحزابها السياسية بعد، من مصلحتها تواصل الفوضى في تونس، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّه لا يتهم أحداً صراحة في إحداث هذه الفوضى المذكورة.
وعن الغالبية الصامتة، قال الباجي إنها ليست وحدها المعنية بالشأن الأمني بتونس، بل هو هاجس يشغل بال جميع التونسيين. وفي رده على سؤال "العربية" عن موضوع القناصة، قال السبسي إننا لا نريد اتهام أي كان دون دليل، ومتى توفرت الأدلة لإدانة أي طرف ستتم الإجراءات اللازمة ضده.
وحول فرضية تدخل الجيش في عمل الحكومة المؤقتة، قال الوزير الأول إن حكومته مدنية ولا دخل لأي طرف في قراراتها. وبين الباجي أنه شخص لا يتعامل مع الضغوطات، وأن حكومته تعمل دون الاستجابة لأي ضغط أيّاً كان مصدره.
وعن الموعد الانتخابي، قال الباجي القائد السبسي إن تاريخ 24 يوليو/ تموز هو رغبة منه ومن الحكومة لإعطاء حيّز زمني هام ليعدّ الجميع عدته، بهدف إنجاح الانتخابات الشفافة الأولى في تونس منذ تلك التي تمت بعد الاستقلال مباشرة.
وأبدى تفاؤله بخصوص العملية الانتخابية قائلاً أن نَفَسَ الحرية الذي تعيشه تونس سمح بوجود 50 حزباً على الساحة الآن، مشيراً إلى أنه حتى وإن لم يتمم بعض هذه الأحزاب استعداداته قبل 24 يوليو فإنه مع اقتراب هذا الموعد "ستقترب الأحزاب لبعضها وتتجمّع الأصوات".
وعن المعطى الاقتصادي، قال قايد السبسي إن انخفاض النمو في تونس هو نتيجة لما شهدته مؤخّراً، لذلك كان أول عمل قامت به الحكومة هو تقديم مشروع عاجل يهتم بالخصوص بالمناطق المحرومة البعيدة عن الشريط الساحلي، بتمويل تونسي بحت، لتثبت تونس أنها قادرة على مواجهة مشاكلها.
وأضاف أنّ جلّ المصانع التي أُغلِقَت عادت إلى العمل وأن استتباب الأمن عامل رئيسيّ لدفع عجلة الاقتصاد، وخاصة إرجاع المستثمرين الأجانب إلى تونس، مبرزاً أن المديونيّة التونسية هي مديونيّة مضغوطة ويتمّ التحكّم فيها، مشدداً على أن تونس لا تقبل إعانات إلا إذا كانت موجهة إلى إقامة مشاريع واضحة المعالم.
وحول السائحين، خاصة الليبيين منهم، قال الوزير الأول المؤقت إن اسـتتباب الأمن في ليبيا أهم لدى الحكومة التونسية من من قدوم سياح ليبيين، مضيفاً أن الحكومة خلال هذا الأسبوع اتخذت إجراءاتها لمنع بعض الظواهر في الشارع، لبعض المتظاهرين، والتي يمكن أن تنفر السائح من تونس منها، على سبيل المثال الصّلاة في الشارع وتنصيب بعض الناس أنفسهم خطباء في الطريق العام، قائلاً إن الحكومة ستتعامل بـ"جدّيّة" مع هذه التصرّفات.
وفي ربط الزيارات التي قام بها بعض الشخصيات الغربية لتونس بالشأن الليبي، نفى قايد السبسي أن يكون قد تم أي طلب من الغرب لاستغلال تونس ضد ليبيا. وحول تجميد أرصدة القذافي أجاب السبسي أن من ثوابت السياسة الخارجية لتونس هو الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، طالما أن الأمم المتحدة أخذت قرارا ملزِماً بهذا التجميد فإننا نطبقه.
وحول لقائه مع الرئيس الإيطالي سلفيو برلسكوني، قال الوزير الأول إن تونس توصلت إلى اتفاق "فريد من نوعه" بخصوص المهاجرين التونسيين في لامبادوزا الإيطالية، يقضي بالسماح لـ22 ألف تونسي بالتجول في أوروبا مقابل إعادة 800 شخص فقط إلى أرض الوطن.
وحول علاقة تونس بدول مجلس التعاون الخليجي، قال قايد السبسي إن تونس تحترم تعهداتها لكل الأطراف، وطالما كانت قد تعهدت لبعض دول هذا المجلس بمنحهم إمكانية الاستثمار على أراضيها فإنها لا تزال مستعدة لتفعيل هذا التعهّد، ومن يريد أن يأخذ بيدنا لا نملك إلا أن نشكره. ولم يستبعد زيارة منطقة الخليج، ولكن الأولوية في الظرف الراهن هي رجوع المياه إلى مجاريها في تونس.
وحول الرئيس المخلوع وأمواله ومنقولاته خارج تونس، قال السبسي إن تونس توجهت إلى الدول المعنية عبر قنوات دبلوماسية وعدلية، وعلى هذه الدول أن تتصرف وفق ما تراه صالحاً، ولا نستطيع فرض إجراءات على أحد، والأمر برمته بين يدي لجنة المتابعة التي استحدثناها للغرض.
وحول الحديث عن محاولات الاستقطاب الأمريكي والفرنسي لتونس قال الباجي إن تونس دولة مستقلة، ولديها تعاون مع الجميع دون التنازل قيد أنملة عن استقلالية قرارها.