جنوب إفريقيا بين أحضان المحيطين
جمهورية جنوب إفريقيا إحدى دول القارة الإفريقية
والتي تقع في الطرف الجنوبي منها، يتنوع شعبها فهو خليط من أصول أوربية
وإفريقية وهندية، فتوجد به العديد من الأجناس والألوان المختلفة، وكان هذا
نتيجة لخضوعها للاستعمار الهولندي ثم للاستعمار البريطاني، وهو الأمر
الذي عاني منه السكان الأصليين للبلاد من الأفارقة نتيجة للتميز العنصري،
وسياسات القهر والاستعباد التي مارستها القوات الاستيطانية المحتلة.
وتعد دولة جنوب إفريقيا من الدول النامية متوسطة الدخل، ولكنها غنية
بمصادر الثروة الطبيعية مثل الذهب حيث تعد جنوب إفريقيا من أكثر البلدان
إنتاجاً له ويعمل في مناجم الذهب مئات الآلاف من العمال، هذا بالإضافة
لعدد من المعادن الأخرى مثل الألماس، المنجنيز، الكروم، البلاتينيوم، كما
تتميز جنوب إفريقيا بالمساحات الشاسعة من الغابات والتي تعد مصدر هام
لصناعة الأخشاب، كما تتوفر جميع أنواع الفواكه والخضروات الدائمة
والموسمية، هذا بالإضافة لشهرتها بزراعة وتجارة الورود حيث تعد المنافس
الأول لهولندا ويرجع ذلك إلى استيطان الهولنديين بها لعدد من القرون.
الموقع
تحتل دولة جنوب إفريقيا الجزء الجنوبي من القارة الإفريقية ويحدها من
الشمال عدد من الدول هم ناميبيا، بوتسوانا، زيمبابوي، موزمبيق، سوازيلاند،
وتمتد سواحلها الشرقية والجنوبية على المحيط الهندي، بينما تمتد سواحلها
الغربية على المحيط الأطلنطي.
معلومات عامة عن جنوب إفريقيا
المساحة: تبلغ مساحة جنوب إفريقيا 1.219.912 كم2.
عدد السكان: يبلغ عدد السكان 43.997.828 نسمة.
العاصمة: بريتوريا.
اللغة: يوجد في جنوب إفريقيا أحدى عشر لغة رسمية معترف بها في الدستور،
ولكن اللغة السائدة هي اللغة الإنجليزية، وللسكان الأصليين حوالي 10 لغات
وحدهم.
العملة: الراند
الديانة: يشكل المسيحيين أكثر من نصف السكان حوالي 68% منهم والباقي مسلمون وهندوس وبوذيين وديانات أخرى.
مظاهر السطح
تتمثل مظاهر السطح في جنوب إفريقيا في هضبة كبيرة واسعة تشغل حوالي ثلثي
مساحة البلاد، ويبلغ أقصى ارتفاع لها عند الحافة الجنوبية الشرقية حيث تقع
جبال دراكتربيرج، وتوجد بهذه الهضبة ثلاث مناطق مميزة هي ميدلفيلد
وبوشفيلد وهايفيلد، وتغطي منطقة الهايفيلد معظم أجزاء الهضبة ويبلغ
ارتفاعها 1.525متر فوق مستوى سطح البحر، وتقع بوشفيلد شمال هايفيلد أو حوض
ترنسفال وتنقسم هذه المنطقة إلى عدة أحواض بواسطة القمم الصخرية وتنحدر
من الشرق للغرب نحو نهر لمبوبو، ويبلغ متوسط ارتفاع بوشفيلد حوالي 1.200
متر، أما الجزء الغربي من الهضبة الذي يعرف بميدلفيلد فينحدر لأسفل في
الاتجاه الغربي ويبلغ متوسط ارتفاعه حوالي 915 متر.
تنحدر الأرض فيما بين نهاية الهضبة والساحل الشرقي والجنوبي نحو البحر،
وتضم جنوب أفريقيا جزءا من صحراء كلهاري في الشمال الغربي والتي تمتد حتى
بتسوانا، كما تضم جزء من صحراء ناميب في الغرب على طول المحيط الأطلنطي
باتجاه جبال الكاب.
أما بالنسبة للأنهار في جنوب إفريقيا فيعتبر نهر الأورانج من أطول الأنهار
بها والذي ينبع من ليسوتو ويتدفق نحو الشمال الغربي ليصب في المحيط
الأطلنطي، أما نهر لمبوبو فينبع من شمال البلاد ويتدفق نحو الشمال الغربي
حتى يصل إلى بتسوانا ثم يتجه شرقا على طول الحدود مع بتسوانا وزيمبابوي
قبل أن يصل لموزمبيق ثم يستمر في تدفقه حتى يصل إلى المحيط الهندي، وينبع
نهر فال في شمال شرق البلاد قرب سوازيلاند.
كما يوجد عدد آخر من الأنهار الصغيرة، ومعظم أنهار جنوب إفريقيا غير
منتظمة التدفق وتنضب أغلبها معظم أوقات السنة وبالتالي لا تستخدم إلا
قليلا من أجل الملاحة أو من أجل توليد القوى الهيدروكهربية إلا أنه لها
بعض الاستخدامات في الري.
المناخ
يسود جنوب إفريقيا مناخ معتدل بصفة عامة، فيما عدا أقصى الجنوب الغربي
للبلاد حيث تهب عليه الرياح الشرقية التجارية من المحيط الهندي، ونظراً
لوقوع جنوب إفريقيا إلى الجنوب من خط الاستواء فإن فصول السنة بها تكون
معاكسة لتلك التي تسود النصف الشمالي من الكرة الأرضية، ويتنوع المناخ
تبعاً لتنوع الارتفاعات واتجاهات الرياح والتيارات البحرية، فتتمتع جبال
الكاب بمناخ دافئ وجاف في الصيف ومناخ بارد وممطر في الشتاء، أما منطقة
الساحل فحارة ورطبة في الصيف ومشمسة وجافة في الشتاء والهضاب الشرقية حارة
في النهار ومعتدلة في الليل في فصل الصيف ومعتدلة في النهار وباردة في
الليل في فصل الشتاء، وتنخفض درجات الحرارة عادة إلي دون الصفر خلال
الشتاء في الهضاب، ويتراوح تساقط الأمطار فيها مابين 65 – 100 سم في
العام، وتقل الأمطار على الساحل الجنوبي، وتندر في منطقة الصحراء.
نظام الحكم
تخضع جنوب إفريقيا إلى نظام حكم جمهوري، وتم وضع أول دستور لها في عام 1910م، أما الدستور الحالي فقد تم وضعه في عام 1996م.
وتتمثل السلطة التنفيذية في رئيس الجمهورية الذي يتم انتخابه عن طريق
المجلس الوطني لفترة رئاسية تبلغ خمس سنوات ويجوز ترشيحه لفترة ثانية،
ويشغل رئيس الجمهورية منصبي رئيس الدولة ورئيس الحكومة، وتشمل السلطة
التنفيذية نائب الرئيس التنفيذي والحكومة ويقوم رئيس الجمهورية بتعيين
مجلس الوزراء.
أما السلطة التشريعية فتتمثل في مجلسين الأول هو المجلس الوطني والذي
يتألف من 400 عضو يتم انتخابهم بالاقتراع الشعبي المباشر وذلك لفترة خدمة
مدتها خمس سنوات، أما المجلس الأخر فهو المجلس الوطني للمقاطعات ومدة
خدمة أعضاؤه خمس سنوات أيضاً وتتمثل مهامه في حماية المصالح الإقليمية
مثل المحافظة على التقاليد الثقافية واللغوية بين الأقليات العرقية.
وبالنسبة للسلطة القضائية فتتمثل في المحكمة الدستورية ومحكمة الاستئناف العليا والمحاكم العليا ومحاكم القضاة.
ومن الأحزاب السياسية الموجودة بجمهورية جنوب إفريقيا نذكر الحزب
الديموقراطي الإفريقي المسيحي، المؤتمر القومي الإفريقي، جبهة التحرير،
حزب الحرية إنكاتا، والحزب الوطني وغيرها من الأحزاب.
نبذة تاريخية
عرفت جنوب إفريقيا كدولة يتنوع شعبها ما بين العديد من الألوان والأجناس
والديانات المختلفة وذلك نظراً للاستعمار الذي تعرضت له من قبل الهولنديين
الذين استوطنوا بها وعرفوا باسم "البوير" ثم احتلالها بواسطة
البريطانيين الذين وفدوا على المنطقة وقاموا بمحاربة الهولنديين فيما عرف
بحرب البوير في الفترة ما بين 1899- 1902 الأمر الذي أدى في النهاية إلى
ظهور إتحاد جنوب إفريقيا الذي بني على أساس التفرقة العنصرية والتمييز
بين الأجناس، وقضيت جنوب إفريقيا مئات السنوات في ظل الاحتلال تعرض فيهم
السكان الأصليين للبلاد لشتى أنواع الاستعباد والقسوة والقهر، بالإضافة
للتمييز العنصري وسياسات التهجير والحرمان من كافة الحقوق الاقتصادية
والسياسية والإنسانية والثقافية والاجتماعية، بالإضافة لقيام المستعمرين
بانتزاع الأراضي من السكان الأصليين وجعلهم يعيشون على مساحة 13% فقط من
مساحة البلاد بهدف إخضاعهم لتحكم وسلطة الاستعمار.
لم تمنع السياسات القهرية والقمعية التي مارستها القوات الاستعمارية ضد
السكان الأصليين من ظهور العديد من الحركات السياسية التي تناهض الاستعمار
والتمييز العنصري، فظهر نيلسون مانديلا كرئيس لحركة سياسية تناهض النظام
العنصري، بالإضافة لعدد أخر من التيارات السياسية اللاتي شكلن معاً جبهة
سياسية في إطار المؤتمر الوطني الإفريقي "African National Congress "
أو ANC وذلك في عام 1955م، وفي عام 1961م تم تشكيل الجناح العسكري لـ ANC
وبذلك تولد تحالف قوي على أساس ميثاق الحرية بين مختلف الأحزاب والألوان
ويوجد ميثاق الحرية على مستوى القارة ككل حيث كانت الثورة في جنوب
إفريقيا تتلقى الدعم والمساندة من كل دول القارة بالإضافة إلى الدعم
المادي والأسلحة من دول المعسكر الاشتراكي وأوربا الشرقية.
وفي نفس العام تقدم نيلسون مانديلا بطلب حماية الحقوق القومية لكل الشعوب،
كما طالب بالتعددية ضمن نظام الابارتايد وهو النظام الذي يضع السلطة في
يد الرجل الأبيض ويتيح له استخدام جميع الثروات مع احتقار السود وجعلهم
عبيد.
ظهرت في الفترة ما بين عامي 1983- 1984 جيل جديد من المثقفين وخريجي
الجامعات وبدأت الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في التحسن، كما بدأت أعداد
الخريجين من السود تتزايد عن الخريجين البيض، مما أدى تدريجياً إلى
تغيير الوضع السياسي للبلاد نحو الأفضل.
ظلت دولة جنوب إفريقيا تتوالى عليها الثورات والمفاوضات منها الذي يواجه
بالفشل ومنها الناجح حتى وصلت إلي أن نال المواطن الأسود حقوقه وأصبح له
وجود سياسي ووجود في الوظائف المختلفة.
المدن والسياحة
تمثل السياحة في جنوب إفريقيا مصدر هام من مصادر الدخل بالنسبة لها وذلك
نظراً لوجود العديد من المناظر الطبيعية الخلابة التي تتميز بسحرها الخاص
بالإضافة للطقس المعتدل الذي يشجع الكثير من السياح في التوافد عليها
وخاصة السياح القادمين من الدول الآسيوية وأستراليا، كما تتميز بموقع رائع
يطل بسواحل شاسعة على المحيطين الهندي والأطلنطي، وتعمل الحكومة بجنوب
إفريقيا على تشجيع الاستثمار السياحي من مختلف دول العالم مما يدعم الدخل
القومي للبلاد.
كما يوجد بجنوب إفريقيا العديد من الأماكن الجميلة الأخرى مثل مدن دوربين،
بورت إليزابيث بالإضافة لجزيرة روبن والتي تقع بالمحيط الأطلنطي بالقرب
من كيب تاون، هذه الجزيرة التي شهدت الكثير من المعتقلين السياسيين فشهدت
على ألامهم ومعاناتهم حيث كانت هذه الجزيرة في السابق تضم واحد من أكبر
السجون هذا السجن الذي أعتقل فيه الرئيس نيلسون مانديلا، ولكن حالياً تعد
هذه الجزيرة مزاراً سياحياً لمئات الآلاف من السياح اللذين يتوافدون
عليها سنوياً فقد قامت الأمم المتحدة بتحويل السجن إلي متحف يزوره سنوياً
أكثر من أربعمائة ألف سائح سنوياً.
ومن الأماكن الجميلة الموجودة بجنوب إفريقيا نذكر كيب تاون والتي تعد
العاصمة التشريعية للبلاد حيث يقع بها مبنى البرلمان، وهي من أقدم المدن
بجنوب إفريقيا ويظهر بها معالم التراث القديم والمعالم التاريخية بالإضافة
للمباني الحديثة فهذه المدينة عبارة عن مزيج بين كل من القديم والحديث،
وتزخر كيب تاون بالعديد من المطاعم والأسواق والمقاهي والمتنزهات فهي
مدينة نابضة بالحركة، وتتمتع بشواطئ رملية رائعة تمتد على كل من المحيط
الهندي والأطلنطي، بالإضافة لمساحات شاسعة من المزارع التي تمتد لمسافات
كبيرة هذه المزارع الزاخرة بمزارع العنب والفاكهة والمزارع الخاصة بتربية
أنواع مختلفة من الحيوانات، هذا إلي جانب الغابات الكبيرة والتي يتهافت
السياح بالذهاب إليها والاستمتاع برحلات السفاري ومشاهدة الحيوانات
المختلفة المنطلقة بين الغابات بحرية دون أي قيود، وتعتبر كيب تاون مركز
لتوقف البحارة بها لقضاء بعض الوقت بين أرجائها.